يسعى كتاب “النَّص الأدبي بين مهارة القراءة ومغامرة التَّأويل” إلى توضيح آليات “القراءة المنجزة”، ولعلَّ مـعنى النَّص الأدبي المـعاصر عامَّة أصبح مرتبطا ارتباطا وثيقا بتلازم التَّلقِّي والتَّأويل، ويتجلَّى ذلك من خلال النِّداءات الَّتي يتركها المبدع للقارئ لاستدعائه المشاركة في إبداعه، وعليه أصبح فعل القراءة أداة من أدوات الإبداع، ومرحلة من مراحل تعديل النَّص، على اعتبار أنَّ النَّص يُعَبِّرُ عن تجربة، وهذه التَّجربة قابلة للفحص والتَّعديل، ولا يكون ذلك إلاَّ من خلال فعل القراءة وقدرة المُؤَوِّل على التَّحليل والتَّأويل، والحقيقة الَّتي لا يمكن إنكارها تتمثَّل في أنَّ المعنى ليس في النَّص وحده، وليس عند القارئ وحده، بل يتشكل من خلال التَّفاعل بينهما، وكون النَّص لا يبوح فإنَّ المعنى أضحى قضيَّة مرتبطة باللُّغة والفهم والقراءة والتَّأويل، لـكن يبقى نـص القارئ تجربة مُتفرِّدة، ويبقى البحث عن المعنى في النُّصوص الأدبية يستدعي الوعي القرائي، إذ لا سبيل للوصول إليه إلاَّ من خلال العديد من أوجه القراءة والتَّدرج في مستوياتها، وضرورة استدعاء أنظمة التَّأويل وآلياتها.