يحتوي هذا الكتاب في طياته على معلومات مهمة وأخبار متنوعة في غاية الأهمية، كما يعتبر شهادة على فترة مهمة من فترات الحكم العثماني في الجزائر خلال القرن السابع عشر الميلادي، وهو يندرج ضمن أدب المذكرات.
والكتاب يؤرخ للعلاقات العريقة بين الجزائر وفرنسا، كما يؤرخ للشركة الملكية الإفريقية الفرنسية في القالة، ويمدنا كذلك بمعلومات قيمة ودقيقة عن موضوعات مختلفة كان المؤلف شاهدا على أحداثها،
وبغض النظر عن نزعته العدائية وكراهيته لإيالة الجزائر وحكومتها، تعتبر هذه المذكرات مصدرا ذا قيمة كبيرة وهي جديرة بالترجمة. وتكمن قوة ومصداقية هذه المذكرات في أنها تعتبر وثائق رسمية في شكل يوميات أو تقاربر ورسائل كان يكتبها مسئول لحكومته، فمن الطبيعي أن يتوخى الصدق والأمانة في نقل هذه المعلومات والأخبار.
ويتناول الكتاب موضوعات متفرقة يسرد فيها المؤلف تجربته ومهمته كقنصل في مدينة الجزائر خلال سنتي 1673 و1674، وضَمّنها كذلك معلومات وأخبار عن الإيالة الجزائرية، تحدث فيها عن نشاط القرصنة والقوات البحرية الجزائرية وطريقة تقسيم الغنائم والعبيد، وتحدث عن تحصينات مدينة الجزائر وعمرانها، وعن المجتمع والألبسة وبعض العادات والتقاليد، كما ركز في حديثه عن الجيش ونُظُمه، وموضوعات أخرى مهمة وقيمة جديرة بالقراءة، تفيد في فهم طبيعة الحكم العثماني في الجزائر خلال مرحلة حكم الدايات، والكيفية التي كانت تتعامل بها الحكومة مع الدول الأجنبية، ومع السكان الأهالي وغيرها من الموضوعات التي لا شك سيجد فيها القارئ متعة وفائدة، تمكنه من التعرف وفهم زاوية من زوايا التاريخ الجزائري العثماني الذي لا يزال يَلُفه الكثير من الغموض بسبب قلة وضعف استغلال المصادر العثمانية (الوثائق)، وشح المصادر المحلية التي كانت تتغاضى عن الكتابة في موضوعات كانت تستوي الرحالة والدبلوماسيين والرهبان الأوروبيين.